يجيب الدكتور عبد الهادى مصباح أستاذ المناعة عضو الأكاديمية الأمريكية للمناعة قائلا:
إن هناك بعض التغيرات التى تحدث فى المخ مع تقدم السن وزحف الشيخوخة، فقد تبين أن المنطقة المسئولة عن الحركة فى المخ تفقد نسبة كبيرة من خلاياها العصبية المعروفة باسم خلايا "يبتز" وفقد هذه الخلايا يؤدى إلى فقد التناغم الحركى وسرعة رد الفعل، فلا تستجيب العضلات للأمر الذى يريد أن يفعله المسن بنفس الكفاءة والسرعة التى تستجيب بها الشاب، وربما كان أثر ذلك واضحا وجليا فى الحركات الدقيقة التى تحتاج إلى تناغم وتجانس بين المخ والأعصاب والعضلات الدقيقة القابضة أو الباسطة والتى ينبغى أن تعمل فى توازن وانسجام تام.
وعندما يولد الطفل يحتوى مخه على عدد معين من الخلايا يعتقد أنها تصل إلى أكثر من مائة بليون خلية عصبية ومع مرور الزمن والعمر يتلف عدد معين من هذه الخلايا، ومن المعتقد أن مخ الإنسان ينقص بنسبة 10% على مدى حياته ما بين مولده ومماته، ونتيجة نقص عدد هذه الخلايا وتلفها، حيث إن الخلايا الوحيدة فى الجسم التى تعوض أو تتجدد إلا أنه ليست كل منطقة فى المخ تفقد بعضا من خلاياها العصبية بنفس النسبة.
وفى الغالب فإن منطقة جذع المخ المسئولة عن الوظائف الحيوية للإنسان مثل التنفس والتحكم فى ضربات القلب وضغط الدم وغير ذلك من الوظائف الأساسية للحياة لا تفقد عددا كبيرا من الخلايا مع تقدم السن أما منطقة النصفين الكرويين التى تحتوى على مركز الحركة والفص الأمامى منهما الذى يحتوى على مراكز الذاكرة والتفكير والاختبار فإنها تفقد بعض الخلايا العصبية بصفة يومية تصل على أقصى تقدير إلى 50 ألف خلية عصبية كل يوم حسب تقدير دكتور "ستانلى رابوبورت " فى المعهد القومى للشيخوخة بالولايات المتحدة.
إلا أن الأهم من فقد الخلايا العصبية وموتها مع كبر السن والشيخوخة هو ذلك التشابك والتلاحم والاتصال بين تفرعات النهايات العصبية لخلايا المخ والأعصاب والتى تقل بدرجة كبيرة مع تقدم السن، كما أن كمية الموصلات العصبية الكيميائية والحامض النووى "أر إن أيه".
والذى يلعب دورا أساسيا فى الذاكرة والتفكير تقل بشكل ملحوظ مما يؤخر من سرعة رد فعل الشيخ المسن واستجابته لمن يتحاور معه، وذلك بسبب قلة ورقة هذت التفرعات للنهايات العصبية والتى تعنى أن رسائل اقل سوف يستقبلها المخ أو يرسلها.
ويضيف الدكتور مصباح أنه من حكمة وتقدير الخالق عز وجل أن الخلايا العصبية التى تموت بصفة يومية يوجد رصيد احتياطى استراتيجى منها يمكن الحفاظ علية واستخدامه إذا دعت الضرورة إلى ذلك، كما أن الخلايا العصبية السليمة المتبقية والاحتياطية تزيد من تفرعاتها وتشابكها مع الخلايا السليمة الأخرى حتى تعوض "وظيفيا" كم الخلايا التى يفقدها الإنسان مع تقدم السن وحدوث الشيخوخة.
وفى بحث للدكتور "ستانلى رابورت " بالمعهد القومى للشيخوخة بالولايات المتحدة على مخ الأشخاص الذين تخطوا سن السبعين، تبين أن الفص الأمامى الجبهى الذى يحتوى على مركز الحركة وكذلك الفص الصدغى الذى يستقبل كل المعلومات الخاصة بالإحساس والتى تحتوى على المركز الذى ينظم كل حركات الجسم لا يعملان بنفس التناغم والانسجام الذى يعملان به فى الشاب الصغير.
ويرى الدكتور عبد الهادى أن هناك بعض المناطق الأخرى فى المخ التى تتأثر بكبر السن والشيخوخة مثل الغدة الصنوبرية التى تفرز هرمون الملاتونين الذى ينظم موضوع النوم واليقظة، فنجد أن الإنسان كلما تقدم به العمر قلت ساعات نومه أثناء الليل واستيقظ مبكرا عن ذى قبل دون أن يشعر بتعب أو إجهاد من جراء ذلك.
وكذلك نجد أن المناطق المسئولة عن الانفعالات والذاكرة وخاصة الذاكرة الخاصة بالأحداث القريبة تتأثر وتنخفض كفاءتها بشكل واضح، حيث إن هذه المناطق تفقد نسبة أكبر من خلاياها العصبية مع تقدم السن فنجد الشيخ المسن يتحدث إليك عن ذكريات وتفاصيل عمرها من 40 عاما بينما ينسى ماذا تناول فى طعام الإفطار اليوم.
وقد أظهرت الأبحاث والدراسات أنه فى حالة عدم وجود أمراض عضوية مثل تصلب الشرايين وارتفاع ضغط الدم ومرض السكر والاكتئاب العقلى فإن درجة تدفق الدم وكمية الأكسجين الواصل إلى خلايا المخ وكذلك كمية الجلوكوز.
وهو الغذاء الوحيد لخلايا المخ لا تختلف بين مجموعتين إحداهما فى سن العشرين والأخرى فى سن السبعين ولا تعانى من أى من الأمراض التى ذكرناها، وبالتالى فإن القدرة الوظيفية لخلايا المخ ومراكزه المختلفة لم تختلف بدرجة تذكر بين المجموعتين من الأصحاء، وذلك من خلال اختبارات الذكاء والذاكرة والحصيلة اللغوية والمعلومات العامة وكانت نقطة الضعف الوحيدة فى مجموعة الشيوخ الذين بلغوا السبعين هى بعض البطء النسبى فى استدعاء المعلومات وبعض الضعف فى الذاكرة للأحداث القريبة.
الكاتب: أمل علام
المصدر: موقع اليوم السابع